أشياء لا تعرفها عن التقويم الهجري
التقويم الهجري ليس مجرد أداة لحساب الأيام والشهور، بل هو جزء أساسي من الهوية الإسلامية والتاريخ العربي. منذ أن اعتمده المسلمون في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أصبح هذا التقويم شاهدًا على الأحداث الكبرى والمناسبات الدينية. ومع ذلك، هناك الكثير من الجوانب التي قد لا يعرفها الكثيرون عنه. في هذا المقال، سنتناول أسرارًا ومعلومات قيمة عن التقويم الهجري، مدعمة بالأدلة والنصوص الإسلامية، وموجهة لكل مسلم مهتم بمعرفة تاريخه وهويته.
1. لماذا سُمي بالتقويم الهجري؟
اعتماد التقويم الهجري كبداية للتاريخ الإسلامي لم يكن صدفة، بل جاء بناءً على قرار من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. عندما اشتكى المسلمون من غياب نظام محدد لتسجيل الأحداث والمراسلات، استشار الصحابة، فاقترح البعض اعتماد مولد النبي ﷺ أو وفاته كنقطة بداية. لكن عمر رضي الله عنه اختار الهجرة لأنها مثلت فجر الإسلام وبداية إقامة الدولة الإسلامية.
قال الإمام الطبري: “كانت الهجرة فرقانًا بين الحق والباطل، فاستحق أن يكون مبدأ التأريخ الإسلامي”【مصدر: تاريخ الطبري】.
2. أصل الشهور الهجرية ومعانيها
الشهور الهجرية لها معانٍ تاريخية، حيث ارتبطت بتقاليد وعادات العرب قبل الإسلام. على سبيل المثال:
رجب: سُمي بذلك لأن العرب كانوا يعظمونه ويرجبون فيه الحرب (أي يكفون عنها).
رمضان: مأخوذ من الرمض، وهو شدة الحرارة، حيث سُمي بهذا الاسم لأنه كان يأتي في وقت شديد الحرارة عند تسميته.
قال الشاعر العربي:
وفي رجب تُرفع الأيدي صلاةً * وفي رمضان تُمسكُ الألسنا.
3. أهمية الهجرة في الإسلام
الهجرة النبوية لم تكن مجرد انتقال من مكان إلى آخر، بل كانت نقطة تحول غيرت مجرى التاريخ. فيها أُقيمت أول دولة إسلامية قائمة على العدل والمساواة، وتم إعلان أول دستور مدني في الإسلام (صحيفة المدينة).
النبي ﷺ قال: “لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية” (صحيح البخاري).
4. كيف يعمل التقويم الهجري؟
يعتمد التقويم الهجري على الدورة القمرية، حيث يبدأ كل شهر برؤية الهلال وينتهي بميلاد هلال جديد.
الشهر القمري يتراوح بين 29 و30 يومًا.
هذا الاختلاف يجعل السنة الهجرية أقصر من الميلادية بـ10-12 يومًا.
قال الله تعالى: “يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج” (سورة البقرة: 189).
5. اختلاف بداية الشهور بين الدول
يعود السبب الرئيسي لاختلاف بداية الشهور الهجرية بين الدول إلى اختلاف طرق إثبات رؤية الهلال. بعض الدول تعتمد الرؤية بالعين المجردة، بينما تعتمد أخرى على الحسابات الفلكية.
هذا الخلاف يُبرز أهمية توحيد الجهود لضبط بداية الشهور، خاصة في المواسم الدينية مثل رمضان والحج.
6. أشهر التقويم الهجري: الأشهر الحرم
ما هي؟ ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب.
لماذا سميت بالحرم؟ لأن القتال كان يُحرم فيها، حتى في الجاهلية.
قال الله تعالى: “إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم” (سورة التوبة: 36).
7. الفرق بين التقويم الهجري والميلادي
من حيث النظام: الهجري يعتمد على القمر، والميلادي على الشمس.
عدد الأيام: السنة الهجرية 354 يومًا، والميلادية 365 يومًا.
هذا الفرق يعني أن المناسبات الهجرية تتحرك عبر الفصول على مدار السنوات، فمثلًا قد يأتي رمضان في الشتاء في عام، ثم ينتقل إلى الصيف بعد عدة سنوات.
8. داخل التقويم الهجري: مناسبات لا تُنسى
التقويم الهجري لا يتعلق فقط بحساب الزمن، بل يحمل بين طياته مناسبات عظيمة، مثل:
1 محرم: بداية العام الهجري.
10 محرم (عاشوراء): يوم نجّى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون.
12 ربيع الأول: مولد النبي ﷺ.
27 رجب: ليلة الإسراء والمعراج.
شهر رمضان: شهر الصيام والقرآن.
10 ذو الحجة: يوم عرفة، أعظم أيام الحج
9. أشياء لا تعرفها عن حساب الزكاة في التقويم الهجري
الزكاة مرتبطة بالسنة الهجرية، حيث يجب مرور سنة كاملة (حول هجري) على المال ليكون مستحقًا للزكاة. استخدام السنة الميلادية بدلًا من الهجرية قد يؤدي إلى نقصان في الزكاة، لأن الميلادية أطول بـ11 يومًا
10. هل تعلم عن حِكمة اختلاف طول الشهور؟
قد يتساءل البعض: لماذا تكون بعض الشهور 29 يومًا، وأخرى 30؟
هذا التغير هو جزء من التوازن الطبيعي الذي يتبعه القمر في دورانه حول الأرض، ما يعكس حكمة الله في خلق الكون.
قال النبي ﷺ: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” (رواه البخاري)،
في إشارة واضحة لاعتماد المسلمين على القمر في عباداتهم.
خاتمة
التقويم الهجري ليس مجرد أداة لقياس الزمن، بل هو نافذة على تاريخ الإسلام وتراثه. يحمل بين طياته دروسًا وعبرًا عن كيفية تنظيم الوقت في حياة المسلم، ويعكس التوازن بين العبادات والعمل. الحفاظ على فهم هذا التقويم وتقديره يُعد جزءًا من ارتباط المسلمين بهويتهم.
هذا المقال استند إلى مصادر موثوقة، منها:
القرآن الكريم.
السنة النبوية (صحيح البخاري ومسلم).
كتاب “البداية والنهاية” لابن كثير.
كتاب “تاريخ الطبري”